تكشف جوجل عن مشروع “سونكاتشر” (Project Suncatcher)، وهو مركز بيانات مداري. لماذا يحتاج الذكاء الاصطناعي إلى الفضاء الخارجي للبقاء والاستمرار؟ اكتشف الحل.

مستقبل الذكاء الاصطناعي (AI) لم يعد محصوراً على الأرض. كشفت شركة ألفابت (Alphabet)، الشركة الأم لجوجل، عن مشروعها الرائد “سونكاتشر”، وهو مبادرة “طموحة للغاية” (moonshot) تخطط لنقل قوة المعالجة الهائلة للذكاء الاصطناعي إلى مدار الأرض، محولة الفراغ الفضائي إلى حاسوب فائق مستدام.
على مدى السنوات الأخيرة، أحدث الذكاء الاصطناعي ثورة في مختلف الصناعات، لكنه يأتي بثمن بيئي باهظ. يمثل مشروع “سونكاتشر” الرد الجذري من جوجل على هذه الأزمة، حيث يسعى لتجاوز الاستهلاك الجائر لموارد مراكز البيانات الأرضية.
المعضلة الأرضية: لماذا يهدد الذكاء الاصطناعي الكوكب؟
يتطلب التوسع الهائل للذكاء الاصطناعي التوليدي وتعلُّم الآلة (Machine Learning – ML) بنية تحتية من الأجهزة لم يسبق لها مثيل. التكلفة ليست مالية فحسب، بل بيئية أيضاً.
استهلاك الموارد المتعطش
تكمن مشكلة مراكز البيانات التقليدية في عقبتين رئيسيتين: الطاقة والتبريد. يُقدَّر أن تقنية الذكاء الاصطناعي وحدها ستستهلك ما يصل إلى 12٪ من الطاقة الوطنية في الدول المتقدمة بحلول عام 2030. هذا الاستهلاك الهائل له تأثيرات متتالية:
- انبعاثات الكربون: الاعتماد على شبكة الكهرباء التقليدية يزيد بشكل كبير من انبعاثات الغازات الدفيئة.
- ندرة المياه: للحفاظ على تشغيل وحدات معالجة جوجل (TPUs) عند درجات حرارة آمنة، هناك حاجة إلى تبريد مكثف، مما يستهلك كميات هائلة من المياه الجوفية، ويستنزف الموارد الحيوية في المناطق التي تقع فيها مراكز البيانات.
هذه الحاجة الوحشية للكهرباء والماء دفعت ألفابت إلى التفكير خارج الصندوق، أو بالأحرى، خارج الغلاف الجوي. إن تغيير موقع الحوسبة واسعة النطاق هو الوسيلة الوحيدة لضمان استدامة الذكاء الاصطناعي على المدى الطويل دون الإضرار باستقرار شبكات الكهرباء وإمدادات مياه الشرب.
في هذا المشهد التكنولوجي المتسارع، تطلق جوجل محرك مليارات ضد نفيديا (Nvidia)، لكن المنافسة على هيمنة الذكاء الاصطناعي لا تقتصر على تطوير شرائح أكثر قوة؛ بل امتدت الآن إلى الحدود القصوى: الفضاء.
هندسة “سونكاتشر”: كيف تتحول 81 قمراً صناعياً إلى حاسوب فائق
مشروع “سونكاتشر” لا يتعلق بإطلاق كتلة واحدة ضخمة، بل بشبكة موزعة. يتمثل الحل التقني المقترح في تشكيل اتحاد متماسك من 81 قمراً صناعياً أصغر، جميعها مجهزة بوحدات معالجة جوجل (TPUs) القوية. تطير هذه الأقمار بشكل متزامن، وتتواصل عبر ليزر عالي السرعة، وتعمل فعليًا كمركز بيانات موحد.
| المكوّن | الميزة الفضائية |
|---|---|
| التبريد | يعمل فراغ الفضاء كمشتت حراري شامل، مما يلغي الحاجة إلى المياه تمامًا. |
| تزويد الطاقة | تستخدم مدار “الشفق والصباح” لضمان التعرض الشمسي المستمر. |
| الكفاءة الشمسية | تستغل الطاقة الشمسية بفاعلية تفوق ثمانية أضعاف نظيرتها على سطح الأرض. |
الطاقة الشمسية بكفاءة مضاعفة ثماني مرات
اختيار مدار “الشفق والصباح” (Terminator Orbit) هو لمسة عبقرية للمشروع. في هذا المدار المحدد، تبقى الأقمار الصناعية مغمورة باستمرار بضوء الشمس، مما يعظم إنتاج الطاقة على مدار 24 ساعة. هذا يتناقض بشكل كبير مع المنشآت الأرضية، التي تعتمد على عدم استقرار شبكة الكهرباء وتقتصر على دورة النهار والليل. لا تقتصر هذه الكفاءة على تقليل التأثير البيئي فحسب، بل يمكنها نظرياً أن تجعل حوسبة الذكاء الاصطناعي أقل تكلفة على المدى الطويل. إنها ثورة في البنية التحتية، تماماً كما أحدثت تويوتا: ثورة البطارية الصلبة في عام 2027 تضمن 1000 كم من المدى والشحن السريع في قطاع السيارات.
التحديات، والمنافسة وسباق الفضاء لعام 2027
على الرغم من عبقرية المفهوم، يواجه مشروع “سونكاتشر” عوائق تكنولوجية وتنظيمية ضخمة. إن دمج 81 قمراً صناعياً لتعمل كوحدة واحدة خالية من الأخطاء، مع الحفاظ على اتصال بصري فائق السرعة، يمثل تحدياً هندسياً يأمل الرئيس التنفيذي سنكار بيتشي في تقليصه عبر إطلاق أقمار اختبارية في المدار بحلول عام 2027.
تشتد المنافسة أيضاً. أبدت شركة نفيديا، عملاق الرقائق، اهتماماً بالحوسبة في المدار، على الرغم من أن خططها المعلنة لا تصل إلى تعقيد مركز بيانات متكامل مثل “سونكاتشر”. الهيمنة على الذكاء الاصطناعي هي السعي الجديد، والشركات تتقاتل لضمان بنيتها التحتية المستقبلية.
الخطر الفضائي المثار
أما المخاطر الأكبر، فهي الخطر النظامي الذي تمثله هذه التجمعات من الأقمار الصناعية. المدار الأرضي المنخفض مكتظ بالفعل. إضافة 81 قمراً جديداً، يعمل في تشكيل متماسك، يزيد من احتمالية وقوع تصادمات. يمكن لحادث واحد أن يثير ما يُعرف بـ “متلازمة كيسلر”، مما يخلق سلسلة من الحطام تدمر المدار لعقود، وتؤثر على أقمار الاتصالات، ونظام الملاحة العالمي (GPS)، وحتى رصد الظواهر الجوية. بينما يُعيد الذكاء الاصطناعي تعريف علاقتنا بالعمل والعائلة، كما يتضح من مسلسل “المرآة السوداء” في الحياة الواقعية: سيارة تويوتا المخصصة للأطفال هي دليل على أن الذكاء الاصطناعي سيحل محل الآباء، يجب أن تكون البنية التحتية التي تدعمه آمنة.
تراهن جوجل على أن الكفاءة الطاقية والقدرة غير المحدودة على التبريد في الفضاء تعوض هذه المخاطر. إذا نجح المشروع، فلن يحل “سونكاتشر” أزمة موارد الذكاء الاصطناعي فحسب، بل سيفتح أيضاً حقبة جديدة من الحوسبة الموزعة، حيث تُستغل الطاقة الشمسية بأقصى كفاءة، متجاوزة حدود الهندسة السياراتية التي سعت لتحسين الاستهلاك بواسطة سيارة بورش 911 الهجينة 2026 بقوة 701 حصان.
مفهوم “الحاسوب الفائق المداري” يبتعد عن الخيال العلمي ويتحول إلى حقيقة تمولها ألفابت. هذا المشروع الطموح لا يتعلق فقط بنقل الخوادم، بل بإعادة تعريف استدامة تكنولوجيا عصرنا الأقوى. إذا تمكنت جوجل من تجاوز التحديات الهندسية المعقدة ومخاطر الحطام، فسوف نرسم معالم مستقبل البنية التحتية العالمية.
هذا الطموح التكنولوجي الهائل يظهر أن الشركات الكبرى تستثمر في حلول تبدو مستحيلة، تماماً كما تواصل الهندسة السياراتية السعي وراء حدود الأداء والكفاءة، كما يظهر في بورش 911 الهجينة 2026 بقوة 701 حصان.
