سيظل “المستقبل الكهربائي 100٪” قادمًا، لكنه لن يكون بالسرعة التي توقعها الكثيرون: تظهر صورة جديدة للسوق أن المزيد من المشترين يتخلون عن المركبات الكهربائية ويعودون إلى السيارات التي تعمل بالبنزين، في حركة قد تعيد تشكيل الأسعار والعرض وحتى ما ستصنعه شركات السيارات في السنوات القادمة.

تأثير الانتعاش: لماذا عادت البنزين لتبدو خيار “آمن” (السيارات التقليدية في السعودية والإمارات)
في السنوات الأخيرة، أصبح اسم السيارة الكهربائية مرادفًا للحداثة والاقتصاد والوعي البيئي. لكن، في الواقع الحقيقي، نادرًا ما يُقاد شراء السيارة فقط بالمُثُل. يُقاد بمخاطر مدركة: “هل سأتمكن من استخدامها؟”، “هل سأتمكن من بيعها لاحقًا؟”، “هل ستتعطل في النهاية؟”، “كم سيكلف ذلك حقًا؟”. وهنا بدأ مزاج السوق يتغير.
تشير دراسة دولية حديثة من EY (Ernst & Young)، نقلتها وسائط مثل رويترز، إلى تحول واضح في نية الشراء: حوالي نصف المستهلكين الذين يعتزمون شراء سيارة جديدة أو مستعملة خلال الـ 24 شهرًا القادمة يقولون إنهم يريدون طرازًا بمحرك احتراق داخلي. زاد هذا الرقم بشكل ملحوظ مقارنة بالعام السابق، فيما تراجعت نية شراء السيارات الكهربائية ذات البطارية إلى مستوى الأقلية. كما فقدت السيارات الهجينة أيضًا بعض الزخم خلال نفس الفترة.
بالنسبة للسائق العادي: الحماس موجود، لكن القرار النهائي أصبح أكثر تحفظًا. بدلًا من أن “يكون رائدًا”، يفضل الكثيرون الآن “ألا يكونوا فئران تجارب”.
كلمات مفتاحية تفسر هذا السلوك (وتسيطر على عمليات البحث): سعر السيارة الكهربائية، مدى القيادة الفعلي، بنية الشحن في الشرق الأوسط، الاهتلاك، تكلفة البطارية وقيمة إعادة البيع.
هذا التحول ليس عاطفيًا فقط. إنه مدعوم بثلاث قوى موضوعية:
- تغير السياسات العامة أثناء الطريق: عندما تتذبذب القواعد والحوافز الحكومية، يشعر المستهلك بعدم الاستقرار.
- اقتصاد ضيق وائتمان مكلف: إذا كانت التمويلات ثقيلة، يتجه المشتري نحو “المسار المعروف” (البنزين).
- الاستخدام الحقيقي مقابل الوعد: قد يحب السائق الحضري السيارة الكهربائية، لكن من يستخدم الطريق بشكل معتاد، ويعيش في مبنى بدون موقف خاص للشحن، ويعتمد على السيارة للعمل، يفكر بشكل مختلف.
للمهتمين بالميكانيكا والمتانة، هناك عامل هادئ آخر: الإدراك (صحيح أو خاطئ) أن محرك الاحتراق “يمكن إصلاحه في أي مكان”، بينما يبدو أن الكهربائي يعتمد على شبكة صيانة مرخصة، وقطع غيار غالية وتوافر محدود للمكونات. ومن المثير للاهتمام أن هذا التفكير يتعايش مع واقع أن العديد من مشاكل السيارات التي تعمل بالاحتراق تأتي من إهمال الصيانة. إذا أردت أن ترى كيف تتحول أخطاء بسيطة إلى خسائر كبيرة، فاقرأ أخطاء الصيانة التي تجعل ميكانيكيك ثريًا وتخاطر بأمانك.
ما الذي يعيق السيارات الكهربائية والهجينة: الأسباب السبع التي لا يغفرها المشتري (في سوق السيارات الخليجي)
عندما يتباطأ السوق، لا يكون ذلك بسبب كراهية الناس للتكنولوجيا. بل لأن الحزمة الكاملة لا تزال غير مُرضية لكثير من الناس. فيما يلي الأسباب الرئيسية التي تظهر بكثرة في تحليلات القطاع، محادثات الوكلاء، وسلوك البحث عبر الإنترنت (الـ SEO).
1) التكلفة الإجمالية: “القسط الشهري” أصبح الحكم النهائي
حتى مع انخفاض الأسعار في بعض الأسواق، تظل الكهربائية غالبًا أغلى عند الشراء الأولي. والمتوسط للشخص العادي لا يشتري “سيارة” بل يقسطها. إذا كان قسط السيارة الكهربائية أعلى من الحد النفسي المقبول، يتوقف البيع هناك.
2) الشحن: ليس فقط وجود شاحن، بل وجود شاحن في الوقت المناسب
ارتفع عدد الشواحن المتاحة، لكن المشكلة هي التوقعات المسبقة: طوابير الانتظار، الشاحن غير متاح، القدرة أقل من المعلن، تطبيقات شحن مختلفة. للمسافات الطويلة، شعور “الاعتمادية” يثقل أكثر من فائدة الكيلوواط الساعي الرخيص.
3) مدى القيادة الفعلي: العالم ليس مختبرًا
تغيرات استخدام التكييف، والمرور الكثيف، وسرعة الطريق، والتضاريس، ودرجة الحرارة المحيطة تؤثر على كل شيء. عندما يدرك المشتري أن مدى القيادة “المُعلن في الكتالوج” ليس هو مدى القيادة في حياته اليومية، ينشأ “قلق المدى” (Range Anxiety).
4) الاهتلاك وإعادة البيع: الخوف من “الهاتف القديم” على العجلات
بعض الجمهور يرى السيارة الكهربائية كإلكترونيات استهلاكية: كل عامين تظهر بطارية أفضل، وشحن أسرع، ومدى أكبر. هذا يخلق مخاوف من الشراء اليوم وخسارة القيمة غدًا. وفي العديد من الأسواق، أصبح انخفاض قيمة بعض السيارات الكهربائية حديثًا أمرًا واقعًا.
5) الجغرافيا السياسية وسلسلة التوريد: المشتري أصبح أكثر “ذكاءً”
تشير الدراسة إلى أن جزءًا كبيرًا من المهتمين بالسيارات الكهربائية يعيدون النظر أو يؤجلون الشراء بسبب الأحداث الجيوسياسية. هذا يتصل بخوف بسيط: “هل ستنقص القطع؟”، “هل ستنقص البطاريات؟”، “هل سترتفع الأسعار فجأة؟”.
6) السيارات الهجينة أيضًا تشعر بالضغط
عادةً ما يُنظر إلى السيارة الهجينة كحل وسط مثالي: بدون الحاجة إلى توصيل خارجي (أو مع توصيل خارجي، في حالة PHEV)، استهلاك أقل، ومخاطر أقل. لكنها قد تتعرض أيضًا لارتفاع السعر، وصعوبة الصيانة، والشكوك حول من سيفوز بالتكنولوجيا الأهم. ومع ذلك، أنشأ بعض الهجائن اقتراحًا مختلفًا: القيادة كسيارة كهربائية دون الحاجة إلى توصيل خارجي. لمعرفة سبب زيادة شعبيتها، شاهد نيسان قشقاي E-POWER 2025: SUV هجين يقود كالسيارة الكهربائية بدون الحاجة إلى مأخذ.
7) المشتري اكتشف أن “الصيانة الرخيصة” تعتمد على مدى العناية
في السيارات التي تعمل بالاحتراق، هناك فجوة بين سيارة تعتني بها جيدًا وأخرى مهملة. في كثير من الحالات، تأتي الضوضاء والأعطال والنفقات المتكررة من الإهمال، وليس من تصميم السيارة. مثال تقليدي: القرارات الخاطئة في المكونات البسيطة يمكن أن تؤدي إلى سلسلة من العيوب. إذا كنت تفضل الجانب التقني، تعرف على لماذا تستخدم بعض المحركات حلولًا لتقليل الضوضاء والتآكل في صمامات هيدروليكية: لماذا تستخدم بعض المحركات هذه التقنية وكيف تجعل السيارة أكثر هدوءًا.
ما الذي يتغير بالنسبة لمصنعي السيارات (الاستراتيجيات العالمية)
عندما تتغير نية المستهلك، لا ترد الصناعة بخطاب، بل بمنتج، مخزون ومصنع. وهنا يصبح الموضوع مثيرًا، لأننا لا نتحدث فقط عن “ذوق الجمهور”، بل عن إعادة ترتيب استراتيجية عالمية.
في الولايات المتحدة، يمكن لقرارات تنظيمية أكثر مرونة تجاه الاحتراق أن تقلل الضغط على التحول الكهربائي وتفسح المجال لنماذج البنزين الأكثر بساطة، خاصةً الهجينة “الأكثر بساطة”. هذا يؤثر على مزيج الإنتاج وقد يؤثر على أسواق أخرى.
في أوروبا، النقاش حول تسهيل الأهداف (بما يشمل استخدام وقود اصطناعي وهجائن بعد عام 2035) يرسل إشارة قوية: أن الطريق قد يكون أقل خطية مما نتصور. بالنسبة للصناعة، هذا بالكاد دعوة للحفاظ على منصات الاحتراق حيّة لوقت أطول.
وفي الشرق الأوسط؟ تعيش المنطقة واقعًا خاصًا يقوده ثلاث متغيرات: السعر، البنية التحتية للشحن، ونمط الاستخدام. هنا، التحول يكون “بالتجزئة”: تتزايد السيارات الكهربائية أكثر حيث تتوفر البنية التحتية والدخل المرتفع؛ تكتسب الهجائن والسيارات ذات الوقود المختلط أهمية كجسر؛ وتظل السيارات التي تعمل بالاحتراق سائدة بسبب الحجم وتكلفة الدخول المنخفضة.
بالإضافة إلى ذلك، لدى المستهلك الخليجي سلوك عملي جدًا: يقبل الجديد، لكنه يشترط أن يعمل في الزحام، الطريق المفتوح والصيانة السهلة. وهناك تفصيل قليل يُغفَل: العديد من السائقين لا يملكون جراجًا بمأخذ شحن خاص، مما يجعل عملية الشحن المنزلي غير ممكنة لكثير من الأسطول الحضري.
بالنسبة للمقبل على الشراء، يتحول المشهد إلى لعبة توقيت. السؤال ليس “هل السيارة الكهربائية جيدة أم سيئة”، بل: ما التقنية التي تتناسب مع استخدامك وميزانيتك الآن؟
| نمط الاستخدام | ما يبدو منطقيًا أكثر (الأكثر شيوعًا) | الخطر الرئيسي |
|---|---|---|
| مدينة، مسار ثابت، جراج خاص للشحن | السيارة الكهربائية ذات البطارية | الاهتلاك وشبكة الشحن أثناء الرحلات الطويلة |
| مدينة + طريق عرضي (استخدام مختلط) | الهجين (HEV) أو الهجين القابل للشحن (PHEV) | سعر الشراء وتعقيد التقنية المزدوجة |
| طريق متكرر، المناطق النائية، بنية تحتية قليلة | الوقود (بنزين/ديزل/فليكس) | تكاليف الوقود والإهمال في الصيانة |
نقطة يكاد لا يتطرق إليها أحد في النقاش: محرك الاحتراق لا يزال في تطور. هناك تحسينات في الكفاءة، الانبعاثات، الديمومة والضوضاء. الكثير منها غير مرئي لمن يتابعون “حرب التكنولوجيا”، لكنها تحدث فرقًا في الحياة اليومية للمستخدم.
إذا كنت تريد رؤية أكثر “خشونة” لما وراء محركات السيارات الحديثة (ولماذا يدوم بعضها أكثر من غيرها)، غص في المحركات الذاتية: الحقيقة الصادمة عن الحرب بين الحديد المصبوب والألمنيوم التي غيّرت سيارتك. هذه التفاصيل الفنية تساعدك على فهم لماذا لا يزال الكثيرون يثقون فيما يعرفونه ميكانيكيًا.
وفي الوقت ذاته، من الخطأ أن تظن أن “السيارات الكهربائية انتهت”. السوق يجري تعديلًا، لا يستسلم. هناك إشارات قوية لاستمراريته: نماذج جديدة بمزيد من المدى، شحن أسرع، بطاريات بعمليات تدهور أقل، وتحسينات في البرمجيات. حتى أن إحدى الخرافات الأكثر تكرارًا عن السيارات الكهربائية بدأت تتغير: فكرة أن “البطارية ستتلف بسرعة”. تشير الدراسات وأساطيل السيارات إلى معدلات استبدال منخفضة في العديد من سيناريوهات الاستخدام.
النتيجة المحتملة للسنوات القادمة هي سوق أكثر هجينًا حرفيًا: خيارات أكثر، وخطاب أقل أحادية. بدلًا من سباق مستقيم نحو 100٪ كهربائية، قد يدخل العالم مرحلة من “الانتقال المتعدد”: احتراق أكثر كفاءة، هجائن بتصاميم مختلفة، وسيارات كهربائية تنمو حيثما تتوفر البنية التحتية الموثوقة.
“الانتقال إلى المركبات الكهربائية ليس مفتاح تشغيل وإيقاف. هو تفاوض مستمر بين السعر، البنية التحتية، السياسة وثقة المستهلك.”
بالنسبة للمشتري، هذا يخلق ميزة: عندما تتنافس شركات السيارات على تقديم قيمة أكبر مقابل كل ريال/درهم/دينار، يصبح لديك قوة اختيار. وفي الوقت الحالي، هذه القوة تجعل الكثيرين يعودون إلى البنزين ليس بدافع الحنين، بل بناءً على حسابات منطقية ومحسوبة.
